ولَمَّا تحالف المأمون مع المعتزلة ـ وكان متشيِّعاً محبًّا لعلي بن أبي طالب وأهل البيت ـ قام الحنابلة خاصة بالانحراف عن الإمام علي وأهل بيته، والتعصب لبني أمية، حتى وصل بهم الأمر ـ كما يُقرِّر ابن الجوزي ـ بالتعصُّب ليزيد بن معاوية، مع ما اشتهر عنه من ظلم وفجور!! ".
وأجيب عن ذلك بما يلي:
١ ـ أنَّ ما حصل من أهل السنَّة عند ظهور البدع من مقاومة لها ليس هو مجرَّد كلام في مقابلة كلام، وإنَّما هو من قبيل بيان الحقِّ عند ظهور الباطل، وهذا واجب على أهل السنَّة، قال ابن القيم في تهذيب السنن مع عون المعبود (١٢/٢٩٨ ـ ٢٩٩) : "والذي صحَّ عن النَّبيِّ رضي الله عنه ذمُّهم من طوائف أهل البدع هم الخوارج، فإنَّه قد ثبت فيهم الحديث من وجوه كلّها صحاح؛ لأنَّ مقالتَهم حدثت في زمن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وكلمة رئيسهم، وأمَّا الإرجاء والرفض والقدر والتجهم والحلول وغيرها من البدع، فإنَّها حدثت بعد انقراض عصر الصحابة، وبدعة القدر أدركت آخر عصر الصحابة، فأنكرها مَن كان منهم حيًّا، كعبد الله بن عمر وابن عباس وأمثالهما رضي الله عنهم، وأكثرُ ما يجيء من ذمِّهم فإنَّما هو موقوف على الصحابة، من قولهم فيه، ثم حدثت بدعة الإرجاء بعد انقراض عصر الصحابة، فتكلَّم فيها كبار التابعين الذين أدركوها كما حكيناه عنهم، ثم حدثت بدعة التجهم بعد انقراض عصر التابعين، واستفحل أمرُها واستطار شرُّها في زمن الأئمَّة كالإمام أحمد، ثم حدثت بعد ذلك بدعةُ الحلول، وظهر أمرُها في زمن الحسين الحلاج، وكلَّما أظهر الشيطانُ بدعةً من هذه البدع وغيرها أقام اللهُ له من حزبه وجنده مَن يردُّها ويُحذِّر المسلمين منها؛ نصيحةً لله ولكتابه ولرسوله ولأهل الإسلام، وجعله ميراثاً يعرف به حزب رسول الله صلى الله عليه وسلم وولي سننه من حزب البدعة وناصرها".