وهذه مقتطفات من كلام الخطيب البغدادي في أوصاف أهل السنَّة والحديث من كتاب شرف أصحاب الحديث، قال في (ص: ٨ ـ ٩) : "وقد جعل الله تعالى أهلَه (أي الحديث) أركان الشريعة، وهدم بهم كلَّ بدعة شنيعة، فهُم أمناءُ الله من خليقته، والواسطة بين النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأمَّته، والمجتهدون في حفظ ملَّته ... وكلُ فئة تتحيَّز إلى هوى ترجع إليه، أو تستحسن رأياً تعكف عليه، سوى أصحاب الحديث، فإنَّ الكتابَ عُدَّتُهم، والسنَّةَ حجَّتُهم، والرسولَ فئتُهم، وإليه نسبتهم، لا يعرِّجون على الأهواء، ولا يلتفتون إلى الآراء، يُقبل منهم ما رووا عن الرسول، وهم المأمونون عليه والعدول، حفظة الدِّين وخزنته، وأوعية العلم وحملتُه".
وقال في (ص: ١٠) : "وكم من ملحد يروم أن يخلط بالشريعة ما ليس منها، والله تعالى يذُبُّ بأصحاب الحديث عنها، فهم الحفَّاظ لأركانها، والقوَّامون بأمرها وشأنها، إذا صدف عن الدفاع عنها فهم دونها يناضلون، أولئك حزب الله، ألا إنَّ حزب الله هم المفلحون".
وعلى هذا، فإنَّ ردودَ أهل السنَّة على أهل البدع عند ظهور البدع هو من قَبيل بيان الحقِّ عند ظهور الباطل، وليس مجرَّد ردود أفعال كما هو التعبير العصري.
٢ ـ قوله:"لَمَّا قام تيار جهم بن صفوان بنفي الصفات قام الحنابلة والسلفية فجسَّموا".
وتعليقاً على ذلك أقول: نفي الجهمية الصفات الذي هو التعطيل يقابله الإثبات، والإثبات ينقسم إلى قسمين: إثباتٌ مع التشبيه، وهو باطل لا شكَّ فيه، وأهل السنَّة برآء منه، وإثبات مع تنزيه، وهو الحقُّ الذي لا ريب فيه، وقد جمع الله بين الإثبات والتنزيه في قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ