يكون لي منكم خليلٌ؛ فإنَّ اللهَ تعالى قد اتَّخذني خليلاً، كما اتَّخذ إبراهيمَ خليلاً، ولو كنتُ متَّخذاً من أُمَّتي خليلاً لاتَّخذتُ أبا بكرٍ خليلاً" الحديث.
وهذا التنويهُ بهذه الفضيلة العظيمة للصِّدِّيق في مرض موته صلى الله عليه وسلم وقبل وفاته بخمس ليالٍ، فيه إشارةٌ قويّةٌ إلى أنَّه الأحقُّ بالخلافة من غيره.
٥ ـ روى البخاري (٣٦٦٤) ومسلم (٢٣٩٢) في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: "بينا أنا نائمٌ رأيتُني على قليبٍ عليها دلوٌ، فنزعتُ منها ما شاء الله، ثمَّ أخذها ابنُ أبي قُحافة فنزع بها ذَنُوباً أو ذنوبين، وفي نزعه ضَعفٌ، والله يغفر له ضعفَه، ثمَّ استحالت غرباً فأخذها ابنُ الخطاب، فلَم أَرَ عَبْقرياًّ من الناس ينزع نزعَ عمر، حتى ضرب الناسُ بعَطَن".
ورؤيا الأنبياء وحيٌ، وهذه الرؤيا فيها إشارةٌ إلى خلافة أبي بكر وقِصَرها، وإلى خلافة عمر مِن بعده، وطولها وكثرة نفعها.
٦ ـ روى ابن أبي شيبة في مصنّفه (٧/٤٣٤ رقم: ٧٠٥٣) فقال: حدثنا ابن نُمير، عن عبد الملك بن سلع، عن عبد خير قال: سمعتُ علياًّ يقول: "قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم على خير ما عليه نَبِيٌّ من الأنبياء، قال: ثمَّ استخلف أبو بكر فعمل بعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وبسنته، ثمَّ قُبض أبو بكر على خير ما قُبض عليه أحد، وكان خيرَ هذه الأمة بعد نبيِّها، ثمَّ استُخلف عمر فعمل بعملهما وسنتهما، ثمَّ قُبض على خير ما قُبض عليه أحد، وكان خيرَ هذه الأمة بعد نبيِّها وبعد أبي بكر".
ورجالُ هذا الإسناد محتجٌّ بهم، فعبد خير وعبد الله بن نمير ثقتان، وعبد الملك بن سلع صدوق.