للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً: حكايةُ الإجماع والاتّفاق على خلافة أبي بكر رضي الله عنه:

لَم يأت نصٌّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صريحٌ على خلافة أبي بكر أو غيره، لكنَّه قد جاء أحاديث صحيحة تدلُّ دلالة قويَّة على أنَّه أولَى من غيره بالخلافة، وقد مرَّ جملةٌ منها، وقد حصل اتِّفاق الصحابة رضي الله عنهم على بيعته، وتحقَّق ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله في الحديث المتقدِّم قريباً: "يأبى الله والمؤمنون إلاَّ أبا بكر"، ويدلُّ على حصول اتِّفاقهم على بيعته ما يلي:

١ ـ روى الحاكم في المستدرك (٣/٧٨ ـ ٧٩) قال: أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدَّثني أبي وأحمد بن منيع، قالا: ثنا أبو بكر بن عياش، ثنا عاصم، عن زِر، عن عبد الله (يعنِي ابنَ مسعود) قال: "ما رأى المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون سيِّئاً فهو عند الله سيِّء، وقد رأى الصحابةُ جميعاً أن يستخلفوا أبا بكر رضي الله عنه".

ورجاله مُحتجٌّ بهم، والقطيعي ترجم له الذهبي في سير أعلام النبلاء (١٦/٢١٠) ، وقال عنه: "الشيخ العالم المحدِّث مسند الوقت".

٢ ـ روى البخاري في صحيحه (٧٢١٩) بإسناده إلى الزهري أنَّه قال: ((أخبرني أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّه سمع خطبة عمر الآخرة حين جلس على المنبر، وذلك الغد من يوم توفي النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فتشهَّد وأبو بكر صامت لا يتكلَّم، قال: كنت أرجو أن يعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يَدْبَرَنا، يريد بذلك أن يكون آخرَهم، فإن يكُ محمدٌ صلى الله عليه وسلم قد مات، فإنَّ الله تعالى قد جعل بين أظهرِكم نوراً تهتدون به بما هدى اللهُ به محمداً صلى الله عليه وسلم، وإنَّ أبا بكر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثاني اثنين، فإنَّه أولَى الناسِ بأمورِكم، فقوموا فبايِعوه، وكانت طائفةٌ

<<  <   >  >>