للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأبحاث العلمية الحديثة قد وضحت جوانب من سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام، وأن المستشرقين في مختلف الأقطار قد كتبوا عن سيرة محمد صلى الله عليه وسلم كتابة تعتمد على الأبحاث العلمية الدقيقة ورأوا أن الأستاذ ناصر الدين دينيه الذي لم يعبأ بشيء من ذلك وأخذوا عليه أنه لم يقم وزنا لإنتاج المستشرقين في السيرة النبوية، وأن اعتماده إنما كان على السير القديمة كسيرة ابن هشام وطبقات ابن سعد.

ولا يخفى أن ناصر الدين دينيه قد ألف كتابه في أوائل القرن العشرين عندما كان حقل الإسلاميات في أوروبا يهيمن عليه المستشرقون بمناهجهم وطرقهم وأساليبهم المغرضة، ولذلك لم يخفوا استغرابهم من إقدام من كان معدودا منهم فأسلم ثم كتب في السيرة النبوية بمنهج مغاير لمناهجهم.

والواقع أن دينيه عندما تجاوز الاعتماد على كتب المستشرقين إنما فعل ذلك متعمدا، فبعد أن قرأ ما كتبه القوم عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وجد أنه لا يستحق التقدير. لقد رأى أنه من المستحيل أن يتجرد المستشرقون من عواطفهم ونزعاتهم وميولهم إلى تحريف وقائع السيرة وتشويه معطياتها الحقيقية.

وميزة الكتاب كما في باقي كتب المؤلف أن أسلوب التعريض بشبهات المستشرقين وتفنيدها حاضر كلما دعت الضرورة لذلك، فهو الذي عاش بين ظهراني الاستشراق الفرنسي أيام ذروة تعصبه وتحامله على الإسلام، فقد كان عارفا ومحيطا بافتراءات القوم وطعونهم، ولذلك كان يتصدى لبعض من ذلك كلما سنحت الفرصة لذلك في كتابه، يقول على سبيل المثال: "كيف نقول إن عقيدة القضاء والقدر تشل كل عمل عند المسلمين؟ والرسول صلى الله عليه وسلم كان

<<  <   >  >>