للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإيمان المعروف في الللغة، لأن الله عز وجل ما غير اللسان العربي ولا قلبه، ولو فعل لتواترت الأخبار بفعله، وتوفرت دواعي الأمة على نقله ولغلب إظهاره وإشهاره على طيه وكتمانه، وفي علمنا بأنه لم يفعل ذلك، بل أقر أسماء الأشياء، والتخاطب بأسره على ما كان فيها، دليل على أن الإيمان في الشرع هو الإيمان اللغوي. ومما يدل على ذلك ويبينه قول الله عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} ١، وقوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً} ٢ فخبَّر أنه أنزل القرآن بلغة القوم، وسمى الأشياء بمسمياتهم، فلا وجه للعدول بهذه الآيات عن ظواهرها بغير حجة، وسيما مع قولهم بالعموم وحصول التوقيت، على أن الخطاب نزل بلغتهم، فدل ما قلناه على أن الإيمان هو ما وصفناه دون ما سواه من سائر الطاعات من النوافل والمفروضات " ٣.

ومما تقدم يتلخص لنا ما يأتي:

١ ـ أن الإيمان الشرعي: هو الإيمان المعروف في اللغة وهو التصديق المخصوص.

٢ ـ أن التصديق محله القلب فقط، بدليل الآيات التي تنسبه إليه دون غيره، وقد تقدم ذكرها ـ وذلك دليل على أن الإقرار والعمل لا دخل لهما في التصديق.

٣ ـ أن العمل خارج عن الإيمان ومغاير له، بدليل عطف العمل على الإيمان والعطف دليل على المغايرة.

٤ ـ أن القرآن الكريم ولغة العرب، والإجماع، تدل على بقاء الإيمان على أصله اللغوي.


١ إبراهيم: ٤.
٢ الزخرف: ٣.
٣ أبو بكر، محمد بن الطيب، التمهيد، ص٣٤٦،٣٤٧، المكتبة الشرقية، بيروت، سنة١٩٥٧م.

<<  <   >  >>