على الرأي الثاني مما يؤدي إلى إنكار النصوص الشرعية الواردة في بيان المذهب السليم الذي نحن بصدد سياقه.
أما آية الحجرات السالفة الذكر وهي قوله تعالى:{قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} فإن تفسير أصحاب الرأي الأول لها أصح، لأنه نفى أن يكون الإيمان قد دخل قلوبهم نفياً قاطعاً، فيكون الإسلام الوارد في الآية المقصود منه الحقيقة اللغوية لا الشرعية.
أما النصوص التي هي مناط الاستدلال لهذا الرأي الأخير ـ وهو القول بالتلازم بين الإسلام والإيمان مع افتراق اسميهما ـ فحديث جبريل المشهور، وحديث وفد عبد القيس.
أما حديث جبريل، فقد رواه عبد الله بن عمر عن أبيه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجل، شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسند ركبتَيه إلى ركبتَيه، ووضع كفَّيه على فخذَيه، وقال:" ما محمد، أخبرني عن الإسلام "، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة،وتصوم رمضان، وتحج البيت، إن استطعت إليه سبيلاً "، قال:" صدقت ". قال: فعجِبنا له يسأله ويصدِّقه.
قال:" فأخبرني عن الإيمان "، قال:" أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره "، قال:" صدقت ". قال:" فأخبرني عن الإحسان " ...١.
وأما حديث وفد عبد القيس، فرواه مسلم في صحيحه، عن ابن
١ متفق عليه. وهذا لفظ مسلم. انظر: صحيح مسلم مع شرح النووي له، ج١ ص١٥٧، وصحيج البخاري مع شرحه فتح الباري، ج١ ص ١١٤، ط المطبعة السلفية.