للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: " الإيمان يزيد وينقص " ١. وقال: " إن من فقه العبد أن يتعاهد إيمانه وما نقص منه، ومن فقه العبد أن يعلم أيزداد إيمانه أم ينقص؟ وإن من فقه الرجل أن يعلم نزغات الشيطان أنَّى تأتيه" ٢.

فهذه أقوال وردت عن الصحابة رضوان الله عليهم واضحة الدلالة منطوقاً ومفهوماً على أنهم كانوا يعتقدون زيادة الإيمان ونقصه، ولا شك أنهم أعلم بدلائل النصوص الشرعية وأكثر فهماً لها، وإنما نحن عالة عليهم وعلى من اقتفى أثرهم من سلف هذه الأمة الذين لم يحيدوا قيد أنملة عن دلائل النصوص الشرعية المتمثلة في الكتاب والسنة. ومن أبرز عبارات السلف في هذا الموضوع ما رواه البخاري في صحيحه عن الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه من أنه كتب إلى عدي بن عدي: " إن للإيمان فرائضاً وشرائعاً، وحدوداً وسنناً، فمَن استكملها استكمل الإيمان، ومَن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان. فإن أعِشْ فسأبينها لكم حتى تعملوا بها، وإن أمُتْ فما أنا على صحبتكم بحريص " ٣.

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية عن مالك بن دينار قوله: " الإيمان يبدو في القلب ضعيفاً ضئيلاً كالبقلة، فإن صاحبه تعاهده فسقاه بالعلوم النافعة والأعمال الصالحة، وأماط عنه الدغل، وما يضعفه ويوهنه، أوشك أن ينمو ويزداد، ويصير له أصل وفروع وثمرة وظلَّ إلى ما لا يتناهى حتى يصير أمثال الجبال. وإن صاحبه أهمله ولم يتعاهده، جاءه عنز فنتفها، أو صبي فذهب بها أو أكثر عليها الدغل فأضعفها، أو أهلكها، أو أيبسها كذلك الإيمان " ٤.


١ المصدر نفسه.
٢ المصدر نفسه.
٣ البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري مع الشرح، كتاب الإيمان، ح١ ص٤٥، ط المطبعة السلفية.
٤ ابن تيمية، كتاب الإيمان، ص١٨٨.

<<  <   >  >>