للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

رجوعه غدت أعداؤه (منهزمين) من وجهه ومن سيفه وقوسه من وجه حربه الشديد.

وبالاختصار أقول: إن إشعيا قد ختم كلامه بهذه الجملة الحاملة تلك الإشارة الوافية المعنى بقوله: ((بأن هكذا قال لي الرب في انقضاء سنة كسنة الأجير يفني كرامة قيدار وبقية عدد أصحاب القسي الجبابرة من بني قيدار يتقللون فإن الرب إله إسرائيل تكلم)) .

أقول: إن معنى قوله في انقضاء سنة كسنة الأجير؛ أراد به حولاً طويلاً وثقيلاً، إذ إن الأجير المستأجر قد يحسب سنة استئجاره أنها طويلة ثقيلة. ونبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم المشبه بالبحر البري من بعد انتهاء هذه السنة الطويلة التي جاهد فيها، التي شبهها إشعيا كسنة الأجير قد أفنى فيها جميع كرامة قيدار، لأن ((قيدار)) قبيلة وهي (سلالة) ١ من ثاني ولد من أولاد سيدنا إسماعيل، التي كانت تحارب رسول الله محمداًصلى الله عليه وسلم لما عصت دينه الشريف٢، وأنشأت عليه الحروب الردية، فسحق قِسِي جبابرتهم وتقللوا


١ في النسختين سلسلة منسحبة من ثاني وفصاحتها ما أثبت.
٢ واضح أن مراد المصنف -رحمه الله- أن سلالة قيدار ثاني أولاد إسماعيلعليه السلام قد حاربوا النبي (صلى الله عليه وسلم، إلا أنه لم يتبين لي مراده أي قبيلة من القبائل هي، ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم من قريش، وقد حاربته قريش إلى أن دخلوا جميعا في الإسلام، بعد أن قتل من قتل منهم في السنة الثامنة للهجرة، ثم ابتدأت قبائل العرب في الدخول في الإسلام بعد كفرها، كما أن نسب النبي صلى الله عليه وسلم الثابت منه إلى عدنان وبعد عدنان لايتضح نسبه إلى إسماعيل عليه السلام، ولكن بعض النسابة جعلوا عدنان من ولد قيدار بن إسماعيل، وبعضهم جعلوه من ولد نابت بن إسماعيل عليه السلام، ولكن كل ذلك لايثبت بخبر صحيح. انظر في ذلك تاريخ الطبري ١/٥١٦.

<<  <   >  >>