إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد:
فإن الله أرسل نبيه ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، ولو كره المشركون. وجعل سبحانه وتعالى في هذا الدين بينات الهدى، ودلائل الرشاد ظاهرة واضحة لمن نظر إليها بعين بصيرة.
وقد اهتدى بتلك الدلائل أمم من ورائها أمم، فتح الله بصائرهم على النور والهدى، فتركوا الغواية والضلالة، وسلكوا سبيل السعادة والفلاح.
والمهتدون للحق طوائف، وأصناف شتى من الناس، فيهم الرئيس والمرؤوس، والعالم وغير العالم، والحر والعبد، والذكر والأنثى، حتى عم هذا النور والهدى أرجاء الأرض، ودخل الناس في دين الله أفواجاًًًًًًًًً تلو أفواج.
وكان من أولئك المهتدين من هو رأس في العلم في أهل ملته، وخاصة من اليهود والنصارى، ممن سلموا من الحسد والكبر، ممن كتب