للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن الملاحظ أن من ذكرناهم وغيرهم كثير لم يكونوا من عوام الناس، وإنما هم رؤوس أهل ملتهم السابقة، فلم تكن تنقصهم دنيا ولا مكانة اجتماعية، كما لا ينقصهم الذكاء والفهم، بل ربما بإسلامهم يفقدون كل الأمور الدنيوية، التي كانت محققة لهم أوضاعاً اجتماعية عالية، بل قد يعرضون أنفسهم للقتل، ومع كل هذا لم يتحملوا الاستمرار على تلك الحال فيغشوا أنفسهم ببقائهم على الباطل بعد أن اقتنعوا قناعة تامة بالإسلام، فأعلنوا إسلامهم متحملين في سبيل ذلك الضرر الجسدي والمادي الذي قد يتعرضون له، بل إنهم قاموا بالدفاع عن الإسلام والدعوة إليه، والهجوم على أديانهم السابقة الباطلة وفضحها، حتى يؤدوا بعض الواجب الملقى على عواتقهم بدخولهم في الإسلام.

وهذا كله دليل واضح على أن الإسلام هو الدين الحق، وأن براهين صحته وشرفه وكماله متوفرة بكثرة في كتابه وتعاليمه، ولا يعمى عنها إلا أعمى البصيرة، فاقد الحس بسبب الهوى وحب الدنيا.

وكان من هذه الطائفة المباركة، التي اهتدت إلى الإسلام، بتوفيق الله وهدايته ورحمته بعد نظر وتمحيص وبحث وتحقيق وتدقيق؛ الشيخ زيادة ابن يحيى النصب الراسي، الذي كان فيما يظهر من رجال دين النصارى وذوي العلم فيهم، ولكن الباطل لجلج، في ثناياه أدلة بطلانه وبراهين فساده وتهافته، ولا يحتاج إلا إلى قريحة صحيحة، ورغبة جادة في الحق، ليسطع

<<  <   >  >>