للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ويرد السلف عليهم رأيهم هذا، فيقول الإمام ابن خزيمة - رحمه الله – " ... وليس في تسميتنا بعض الخلق ببعض أسامي الله بموجب عند العقلاء الذين يعقلون عن الله خطابه، أن يقال: إنكم شبهتم الله بخلقه إذ أوقعتم بعض أسامي الله على بعض خلقه، وهل يمكن عند هؤلاء الجهال حل هذه الأسامي من المصحف، أو محوها من صدور أهل القرآن، أو ترك تلاوتها في المحاريب والكتاتيب وفي الجدور والبيوت، أليس قد أعلمنا منزل القرآن على نبيه صلى الله عليه وسلم أنه الملك، وسمى بعض عبيده ملكاً، وخبرنا أنه السلام، وسمى تحية المؤمنين بينهم سلاماً في الدنيا وفي الجنة، فقال: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ} ١.

ونبيّنا المصطفى صلى الله عليه وسلم قد كان يقول بعد فراغه من تسليم الصلاة: "اللهم أنت السلام ومنك السلام" ٢. وقال عز وجل: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً} ٣. فثبت بخبر الله أن الله هو السلام، كما في قوله: {السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ} ٤، وأوقع هذا الاسم على غير الخالق الباري وأعلمنا عز وجل أنه المؤمن، وسمى بعض عباده المؤمنين..."٥ إلى آخر ما قاله - رحمه الله - في الرد على هذا الرأي المتهافت. وغرضه من هذا كله أن يقوله: إن تسمية الخلق ببعض أسامي الله عز وجل، لا يقتضي تشبيهاً أو تمثيلاً، لأن معناها في حق الله عز وجل على ما يليق به، وفي حق خلقه على ما يليق بهم.


١ سورة الأحزاب آية: ٤٤.
٢ رواه مسلم في كتاب المساجد رقم: ١٣٥ ١/٤١٤.
٣ سورة النساء آية: ٩٤.
٤ سورة الحشر آية: ٢٣.
٥ كتاب التوحيد لابن خزيمة ص: ٢٨-٢٩.

<<  <   >  >>