للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فإثبات أسماء الله تعالى كما جاءت في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، هو ما قالت به جماهير الأمة، وهو أمر واجب، إذ إنه من تمام التوحيد، ومن كمال معرفة الربّ سبحانه وتعالى كما يقول السيد محمّد بن المرتضى اليماني في كتابه "إيثار الحق": مقام معرفة كمال هذا الرب الكريم وما يجب له من نعوته، وأسمائه الحسنى، من تمام التوحيد، الذي لا بد منه، لأن كمال الذات بأسمائها الحسنى، ونعوتها الشريفة، ولا كمال لذات لا نعت لها ولا اسم، ولذلك عد مذهب الملاحدة في مدح الرب بنفيها من أعظم مكائدهم للإسلام، فإنهم عكسوا المعلوم عقلاً وسمعاً، فذموا الأمر المحمود، ومدحوا الأمر المذموم القائم مقام النفي والجحد المحض، وضادوا كتاب الله ونصوصه الساطعة"١.

هذا عن النفي والنفاة، وما قيل في الرد عليهم. فماذا عن الإثبات والمثبتين الذين يتصدرهم شيخنا البيهقي؟ إذ إنه - رحمه الله - قد أولى هذا الأمر عناية كبرى، فألف كتاباً ضخماً، حفل بحشد من النصوص الشرعية التي دلل بها على ثبوت أسماء الله تعالى ثبوتاً قاطعاً لا شك فيه.

وقد كان أولئك المثبتون يذهبون في طريق الإثبات مذهبين ذكرهما الرازي فقال: "مذهب أصحابنا - يعني الأشاعرة - إنها توقيفية وقالت الممعتزلة والكرامية: إن اللفظ إذا دل العقل على أن المعنى ثابت في حق الله سبحانه جاز إطلاق ذلك اللفظ على الله تعالى، سواء ورد التوقيف به أو لم يرد، وهو قول القاضي أبي بكر الباقلاني من أصحابنا"٢، وهذا الرأي الأخير هو ما يسمى عند علماء الكلام بالطرق القياسية.


١ إيثار الحقّ على الخلق، لابن المرتضى ص: ١٦٨.
٢ شرح الأسماء الحسنى للرازي ص: ٣٦.

<<  <   >  >>