كلاً من ذلك يدل على معنى زائد على مفهوم الواجب، وليس الكل ألفاظاً مترادفة، وإن صدق المشتق على الشيء يقتضي ثبوت مأخذ الاشتقاق له، فثبت له صفة العلم، والقدرة، والحياة وغير ذالك..."١.
وأما الدليل العقلي: فإن العقل لا يتصور وجود وصف لا يقوم بموصوف، كما أنه لا يتصور موصوفاً لا وصف له، ومثل الصفة والموصوف في ذلك كمثل الأثر والمؤثر، فلو جاز وجود فاعل ليس له فعل، لجاز وجود فعل بدون فاعل، إلا أن الأوّل مستحيل، وإذا استحال وجود الأول منهما وهو الفاعل بدون فعل، استحال أيضاً وجود الثاني وهو فعل لا فاعل له. وإذا استحال ذلك استحال أيضاً وجود صفة بدون موصوف كما يستحيل وجود موصوف بدون صفة، لأنه لا معنى لموصوف إلا من قامت به الصفة، ولا معنى لصفة إلا إذا كانت قائمة بموصوف، مثلها في ذلك مثل الفعل الذي لا يمكن وجوده إلا بفاعل، كما لا يمكن وجود الفاعل ولا فعل له.
وفي بيان هذا الاستدلال العقلي يقول البيهقي: "لو جاز عالم لا علم له، لجاز علم لا لعالم به، كما أنه لو جاز فاعل لا فعل له، لجاز فعل لا لفاعل فلما استحال فاعل لا فعل له، كما استحال فعل لا فاعل له، كذلك يستحيل عالم لا علم له، كما يستحيل علم لا عالم له، ولأن العلم لولم يكن شرطاً في كون العالم عالماً، لم يضر عدمه في كل عالم، حتى يصح كل عالم أن يكون عالماً مع عدم العلم، وحين كان شرطاً في كون