للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بعضهم عالماً، وجب ذلك في كل عالم، لامتناع اختلاف الحقائق في الموصوفين، ولأن أحكام الفعل يمتنع مع عدم العلم منا به، كما يمتنع مع كوننا غير عالمين به فكما وجب استواء جميع المحكمين في "كونهم علما"١ كذلك يجب استواؤهم في كون العلم لهم، لاستحالة وقوعه من غير ذي علم به منا، ولأن حقيقة العلم ما يعلم به العالم، وبعدمه يخرج من كونه عالماً"٢.

فهذا الدليل العقلي الذي ساقه البيهقي يشتمل على عدة نقاط:

١ - أنه يستحيل عقلاً وجود صفة بدون موصوف، كما يستحيل وجود موصوف لا صفة له.

٢ - أن العلم شرط في كون العالم عالماً، كما هو مشاهد فيما بيننا من العلماء، أن العالم من له علم قائم به.

٣ - قياس الغائب على الشاهد في ذلك، بمعنى أنه إذا كان العالم فيما هو مشاهد بيننا لا يستحق هذه الصفة إلا إذا قامت به حقيقة، فكذلك ما غاب عنا من العلماء ينطبق عليهم نفس المبدأ فالله تعالى عالم بعلم لا يشبه علوم المخلوقات، لأنه يليق بجلاله وعظمته، وكذلك يقال في بقية الصفات.

٤ - أن إحكام الفعل يدل على علم صاحبه واتصافه بجميع صفات الكمال.

٥ - أنه لا معنى لحقيقة العلم في اللغة إلاّ ما يعلم به العالم، لأن من لم يكن كذلك كان جاهلاً، وبهذا يرى البيهقي أن الاستعمال اللغوي يتمشى مع مذهبه.


١ هكذا في الأصل المخطوط. ولعل الصواب: "في كون لهم علماً".
٢ الجامع لشعب١/ ل١٧-١٨.

<<  <   >  >>