للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كما نفيت الغيرية لاستحالة مفارقة الصفة للموصوف، ولأن من معاني الغيرية ما لا يستحيل مفارقة أحدهما لصاحبه بوجه"١.

ورأي البيهقي هذا موافق لما عليه أئمة أهل السنة، الذي ذكره ابن تيمية فقال: "قالت الأئمة: لا نقول الصفة هي الموصوف، لأنا لا نقول: لا هي هو، ولا هي غيره، فإن لفظ الغير فيه إجمال، قد يراد به المباين للشيء، أو ما قارن أحدهما الآخر، وما قاربه بوجود أو زمان أو مكان، ويراد بالغيرين ما جاز العلم بأحدهما مع عدم العلم بالآخر وعلى الأول فليست الصفة غير الموصوف، ولا بعض الجملة غيرها، وعلى الآخر فالصفة غير الموصوف، وبعض الجملة غيرها.

فامتنع السلف والأئمة من إطلاق لفظ الغير، على الصفة، نفياً أو إثباتاً، لما في ذلك من الإجمال والتلبيس، حيث صار الجهمي يقول: القرآن هو الله أو غير الله؟ فتارة يعارضونه بعلمه، فيقولون: علم الله هو الله أو غيره؟ إن كان ممن يثبت العلم، أو لا يمكنه نفيه. وتارة يحلون الشبهة ويثبتون خطأ الإطلاقين: النفي والإثبات، لما فيه من التلبيس، بل يستفصل السائل فيقال له: إن أردت بالغير ما يباين الموصوف فالصفة لا تباينه، فليست غيره، وإن أردت بالغير ما يمكن فهم الموصوف على سبيل الإجمال وإن لم يكن هو، فهو غير بهذا الاعتبار"٢.

وهناك إطلاق آخر ذكره ابن تيمية عن بعض الصفاتية وهو القول بأن الصفة لا هي الموصوف ولا غيره، وهو قول أبي الحسن الأشعري٣.


١ الجامع لشعب الإيمان١/ ل١٨.
٢ مجموع الفتاوى٣/٣٣٦.
٣ المصدر نفسه.

<<  <   >  >>