للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهذا الإطلاق له معنى صحيح وهو أن الصفة ليست عين ذات الموصوف التي يفرضها الذهن مجردة، بل هي غيرها، وليست غير الموصوف بل الموصوف بصفاته شيء واحد غيرمتعدد١.

وهكذا نرى أن إثبات البيهقي - رحمه الله - للصفات مقابل لرأي المعتزلة، الذي يثبت صفات هي عين الذات، وذلك - كما ذكرت آنفاً - نفي لتلك الصفات، لأنه لا معنى لاتصافه سبحانه بصفة إلاّ ومفهوم تلك الصفة زائد على مفهوم الذات، مع عدم انفكاك الصفة عن الذات الموصوفة بها، وعدم جواز خلوها عنها. فالله سبحانه حي بحياة، قادر بقدرة، عالم بعلم، سميع بسمع بصير ببصر، مريد بإرادة، متكلم بكلام، لا كما قال المعتزلة إنه عالم بعلم هو ذاته، أو إنه عالم بعالمية، على ما أثبته أبو هاشم المعتزلي من أحوال لا وجود لها.

قدم الصفات:

أما عن قدم هذه الصفات، فإن القول به هو رأي البيهقي - رحمه الله - موافقاً بذلك أصحابه من الأشاعرة، فقد تقدم تعريفه لها بأنها ما استحقه – سبحانه - فيما لم يزل ولا يزال٢. بمعنى أن جميع هذه الصفات السبع قديمة، لا يجوز أن يكون شيء منها حادثاً.

وهذا الرأي هو أحد الأحكام الأربعة التي وضعها المتكلمون من الأشاعرة لهذه الصفات٣.

وقد استدل البيهقي لقدمها بدليل عقلي يقول فيه "فإن قال قائل: وما الدليل على أنه لم يزل حياً، قادراً، عالماً، مريداً، سميعاً، بصيراً، متكلتما؟


١ انظر: شرح الطحاوية ص: ٦٨.
٢ الأسماء والصفات ص: ١١٠.
٣ انظر: الاقتصاد في الاعتقاد للغزالي ص: ١٥٠-١٦٦.

<<  <   >  >>