للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

١ - الفلاسفة والصابئة، ويرون أن الكلام هو ما يفيض على النفوس، إما من العقل الفعال، أو من غيره، ويزعمون أن الله إنما كلم موسى من سماء عقله، أي بكلام حدث في نفسه لم يسمعه من خارج١.

٢ - المعتزلة والجهمية، زعموا أن معنى كونه تعالى متكلماً أنه خالق للكلام في غيره، وليس الكلام صفة قائمة به٢.

٣ - الكلابية والأشعرية، ذهبوا إلى أن الله تعالى متكلم بكلام قائم بذاته أزلاً وأبداً، لا يتعلق بمشيئته وقدرته، وقالوا: إن ذلك الكلام معنى واحد في الأزل هو الأمر بكل مأمور، والنهي عن كان محظور، والخبر عن كل مخبر عنه، إن عبر عنه بالعربية كان قرآناً وإن عبر عنه بالعبرانية كان توراة، وإن عبر عنه بالسريانية كان إنجيلاً، وقالوا: معنى القرآن والتوراة والإنجيل واحد، ومعنى آية الكرسي هو معنى آية الدين، والأمر والنهي والخبر صفات للكلام لا أنواع له٣.


١ انظر مجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية٣/٣٨. وهذا الرأي الذي ذكره ابن تيمية عن الفلافسة هو ـ في نظري ـ أبعد الآراء عن روح الإسلام، إذ إنه مناقض للنصوص الصريحة من الكتاب والسنة التي تدل بوضوح على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يوحي إليه، إما بتكليم الله عز وجل له بلا ترجمان بينه وبينه، أو بواسطة ملك يرسله الله تعالى لتبليغ كلامه إلى ذلك النبيّ وليس خيالاً، بل حقيقة كما ورد أن الملك كان يتمثل للنبي صلى الله عليه وسلم صورة رجل، كما قال سبحانه: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء} سورة الشورى آية: ٥١.
فدعاوى أن الوحي إنما هو تمثل الحقائق الإلهية في نفس النبيّ كلاماً وصوراً، دعوى باطلة.
٢ انظر: شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبّار، ص: ٥٢٨.
٣ انظر: مذهب الأشاعرة هذا في: شرح المقاصد للتفتازاني٢/٩٩، وأصول الدين للبغدادي ص: ١٠٦، ولمع الأدلة لإمام الحرمين ص: ٩١.

<<  <   >  >>