هذا هو ملخص الآراء في هذه القضية، بقي أن نعرف مقصدنا الأساسي ألا وهو رأي البيهقي - رحمه الله - فأقول وبالله التوفيق.
إن البيهقي لم يخرج في هذه المسألة برأي جديد، يستقل به من أصحابه الأشاعرة، بل إنه وافقهم في كل ما ذهبوا اليه من أن الكلام نفسي، وأنه قديم أزلي، وليس بحرف ولا صوت، وإن هذا الكلام الذي نقرؤه عبارة عن كلام الله القديم، والمعنى فيه واحد. وإليك مصداق ذلك كله من كلامه هو، مع بيان وجه الحق في كل ما طرقه من مسائل هذه القضية.
حقيقة الكلام الإلهي
يقول البيهقي - رحمه الله – "الكلام هو نطق نفس المتكلم، بدليل ما روينا عن أمير المؤمنين عمررضي الله عنه في حديث السقيفة: فذهب عمر يتكلم، فأسكته أبو بكر رضي الله عنهما، فكان عمر يقول: "والله ما أردت بذاك إلاّ أني قد هيّأت كلاماً أعجبني، وفي رواية أخرى: وكنت قد زّورت مقالة أعجبتني فسمي تزوير الكلام في نفسه كلاماً قبل التلفظ به"١.
والبيهقى بهذا يبين أن رأيه في الكلام أنه معان تقوم بنفس المتكلم، واستدل من اللغة بقول عمر رضي الله عنه، وهذا الرأي للبيهقي فيه موافقة كاملة لرأي أصحابه من الإشارة.