للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقد رد الحافظ ابن حجر على القائلين بالنفي بناء على القياس على أصوات المخلوقين، لأنها التي عهد أنها ذات مخارج كالبيهقي وغيره رد عليهم بنفي القياس المذكور، وعدم صحة وروده هنا حيث قال:

"ولا يخفى ما فيه إذ الصوت قد يكون من مخارج.. لكن يمنع القياس المذكور، وصفات الخالق لا تقاس على صفة المخلوق، وإذا ثبت ذكر الصوت بهذه الأحاديث الصحيحة وجب الإيمان به، ثم إما التأويل وإما التفويض ١.

هكذا قال أن ابن حجر، وإلاّ فلا التأويل قال به السلف ولا التفويض، بل يثبتون الصوت على الحقيقة من غير تصوّر مشابهة ولا تمثيل.

كما ردّ الإمام أحمد على هذه الشبهة الفاسدة رداً مفحماً لا يدع مجالاً لمفكر أو متأمل حيث قال: ".. وأما قولهم: إن الكلام لا يكون إلاّ من جوف وفم وشفتين ولسان، أليس الله قال للسموات والأرض: {ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} ٢، وقال: {وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ} ٣، أتراها سبحت: بحروف وفهم، ولسان وشفتين؟ والجوارح إذا شهدت على الكافر فقالوا: {لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ} ٤، أتراها أنها نطقت بجوف وفم ولسان، ولكن الله أنطقها كيف شاء، من غير أن يقول بجوف ولا فم، ولا شفتين ولا لسان٥.


١ فتح الباري لابن حجر١٣/٢٧٤.
٢ سورة فصلت آية: ١١.
٣ سورة الأنبياء آية: ٧٩.
٤ سورة فصلت آية: ٢١.
٥ الردّ على الجهمية والزنادقة للإمام أحمد بن حنبل ص: ١٣١.

<<  <   >  >>