للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بمعنى أنه ليس من شرط المتكلم أن يكون ذا مخارج، لهذه الأدلة فبطل بذلك التمسك بهذه الشبهة.

وفي إثبات الصوت لله سبحانه وتعالى، ونفي المشابهة بينه وبين أصوات المخلوقين يقول الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري: ".. ويذكر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه كان يحب أن يكون الرجل خفيض الصوت، ويكره أن يكون رفيع الصوت، وأن الله عز وجل ينادي بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب، فليس هذا لغير الله جل ذكره". وفي هذا دليل أن صوت الله لا يشبه أصوات الخلق، لأن صوت الله جل ذكره يسمع من بعد كما يسمع من قرب وأن الملائكة يصعقون من صوته، فإذا تنادى الملائكة لم يصعقوا، وقال الله عز وجل: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً} ١ فليس لصفة الله ند ولا مثل ولا يوجد شيء من صفاته في المخلوقين٢. ثم ذكر الأحاديث التي تدلّ على ذلك٣.

وقصارى القول أن السلف يرون أن الله تعالى يتكلم بصوت يسمع كما دلت على ذلك الأدلة القاطعة من الكتاب والسنة، وأن صوته لا يشبه أصوات خلقه، كما أن ذاته لا تشبه ذواتهم، وأن سائر كلام الله تعالى ليس هو الحروف فقط، ولا المعاني.

وفي بيان أن كلام الله تعالى هو مجموع الأمرين، يقول شيخ الاسلام ابن تيمية موضحاً المذهب الصحيح في ذلك: "والصواب الذي عليه سلف الأمة - كالإمام أحمد والبخاري صاحب الصحيح في كتاب خلق


١ سورة البقرة آية: ٢٢.
٢ خلق أفعال العباد للبخاري ص: ٥٩.
٣ انظر: المصدر نفسه ص: ٥٩-٦٠.

<<  <   >  >>