للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أفعال العباد وغيره، وسائر الأئمة قبلهم وبعدهم أتباع النصوص الثابتة، وإجماع الأمة، وهو أن القرآن جميعه كلام الله حروفه ومعانيه ليس شيء من ذلك كلاماً لغيره، ولكن أنزله على رسوله، وليس القرآن اسماً لمجرد المعنى، ولا لمجرد الحروف بل لمجموعهما، وكذلك سائر الكلام ليس هو الحروف فقط، ولا المعاني فقط، كما أن الإنسان المتكلم الناطق ليس هو مجرد الروح، ولا مجرد الجسد، بل مجموعهما، وأن الله تعالى يتكلم بصوت كما جاءت به الأحاديث الصحاح، وليس ذلك كأصوات العباد، لا صوت القارىء، ولا غيره وإن الله ليس كمثله شيء، لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، فكما لا يشبه علمه وقدرته وحياته، علم المخلوق وقدرته وحياته، فكذلك لا يشبه كلامه كلام المخلوق، ولا معانيه تشبه معانيه ولا حروفه تشبه حروفه، ولا صوت الربّ يشبه صوت العبد"١.

فهذا هو مذهب السلف الحق، وهو الرأي السديد لاتفاقه مع ما جاء به الوحي الإلهي، الذي يجب أن يكون هو الفيصل عند الاختلاف والحكم عند التنازع، بعيداً عن الأقيسة الباطلة.

فما ادعاه البيهقي في هذه المسألة مردود بما تقدم من الأدلة الدامغة التي اعتمدها السلف في هذه القضية، ويكفينا ترجيحاً لمذهبهم أنهم جعلوا الوحي دليلهم، والتوحيد منهجهم، فالله واحد في صفاته، كما أنه واحد في ذاته، لا يشبه أحداً من خلقه، ولا يشبهه أحد منهم.


١ مجموع الفتاوى١٢/٢٤٣-٢٤٤.

<<  <   >  >>