للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - إلى هاتين الحجتين، وذكر أنهما عمدة جميع القائلين بقدم الكلام من الأدلة العقلية كالأشعري وأصحابه ومن وافقهم كالقاضي أبي يعلى، وابن الزاغوني، وأمثالهما من الحنابلة وهو عمدة الماتوريدية أيضاً١. كما ذكر أيضاً أنهما عمدة من لا يعتمد في الأصول في مثل هذه المسألة إلاّ على العقليات كأبي المعالي ومتبعيه٢.

وقد وافق البيهقي بهذا القول في كلام الله تعالى جميع الأشاعرة والماتوريدية٣.

وهذا الرأي الذي تبناه البيهقي يخالف ما عليه سلف الأمة في هذه المسألة، حيث إن السلف يرون أن كلام الله تعالى قديم النوع حادث الآحاد، وأن الله متكلم متى شاءك يف شاء٤.

أما عن أدلة البيهقي النقلية التي ساقها ليسند بها رأيه فليس له فيها ما أراد، لأن قوله تعالى: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ} ، وقوله: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} ليس فيها ما يدل على القدم الذي يراه البيهقي. وساق هذه الآيات للاستدلال بها عليه، وإنما دلالتها على وجود القرآن مكتوباً في اللوح المحفوظ قبل إنزاله على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا كان يعتبر أن وجوده


١ ممجموع الفتاوى٦/٢٩١.
٢ المصدر نفسه، وانظر: لمع الأدلة للجويني ص: ٩٠.
٣ انظر: شرح أم البراهين للسنوسي ص: ٣٠، وشرح العقائد النسفية للتفتازاني ص: ٧٧، والمسامرة بشرح المسايرة للقدسي ص: ٧٣، وتبصرة الأدلة لأبي المعين النسفي١/٢٨٧.
٤ شرح الطحاوية ص: ١٢٧، ومجموع الفتاوى٦/٢٩٢، و١٢/٣٧٢.

<<  <   >  >>