للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في اللوح المحفوظ قبل إنزاله على رسول الله صلى الله عليه وسلم دليل قدمه، فإن ذلك لا يستقيم له، لأنه اللوح المحفوظ مخلوق حادث دون خلاف.

أما حديث احتجاج آدم وموسى فإنه إنما يدل على القدر وحسب.

أمّا الحجتان العقليتان فإنهما إنما تدلان على مذهب السلف وهو أن الله تعالى لم يزل متكلماً إذا شاء كيف شاء، فتدلان على أن نوع كلامه قديم لا على أنه لم يتكلم بمشيئته وقدرته، وأن الكلام شيء واحد قديم، ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله١.

وما ذكره البيهقي في الحجة الثانية من قوله بأنه لا يصح أن يكون خلق الكلام في نفسه، لاستحالة أن يكون محلاً للحوادث، فإن هذا كلام غير صحيح، فإن السلف وإن لم يقولوا بأن الله تعالى خلق الكلام في نفسه ولا في غيره، إلأ أنهم يقولون بأنه يتكلم به متى شاء كيف شاء، أي أنهم يجوزون حلول الحوادث بذات الله تعالى على معنى أنه سبحانه يفعل متى شاء كيف شاء، لأن فعله متعلق بمشيئته، وهذا لا يلزم منه حدوث النوع.

وقد تقدم الكلام على مسألة حلول الحوادث بذات الله تعالى٢.

أما ما تصوّره هؤلاء من أن مثل هذا القول يلزم منه أن الله تعالى يخلق الفعل في نفسه فإن هذا اللازم باطل، والله تبارك وتعالى منزه عنه باتفاق.


١ مجموع الفتاوى٦/٢٩٢.
٢ انظر ص: (٢٥٠) من هذا البحث.

<<  <   >  >>