للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ونفى التبعيض عن كلام الله تعالى بقوله: "التبعيض إنما هو في القراءة الدالة عليه، والقراءة غير المقروء"١.

فكلام الله تعالى - عند البيهقي - معنى واحد لا يتعدد ولا يتبعض لأن كلام الله الحقيقي عنده هوكلامه القديم الذي يقول عنه إنه هو القائم بنفسه تعالى، فلا ينقسم إلى أمر ونهي، وخبر واستخبار، كما صرح بأن الكلام الذي أنزله الله تبارك وتعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم ليس هوكلامه حقيقة، وإنما هو عبارة عنه، ودال عليه، وقوله بوحدة الكلام الإلهي هو الذي حدا به إلي القول بأنه إنما يكون قرآناً إذا قرئ بالعربية وتوراة إذا قرئ بالعبرانية، وإنجيلاً إذا قرئ بالسريانية على معنى أنه لا فرق بين هذه الكتب الثلاثة، لأنها جميعاً – عنده - عبارة عن كلام الله القديم الذي هو معنى واحد لا يتعدد ولا يتبعض.

وقد أرجع البيهقي كلام الله جميعه إلى معنى الأمر حيث قال: "ففي كلّ موضع يستدل بسياق الكلام على معنى الأمر"٢.

ورأي البيهقي هو قول جمهور أصحابه الأشاعرة حيث قالوا مثله بوحدة الكلام الإلهي، وإرجماعه إلى معنى الأمر٣.

ولا ريب أن ما ذهب إليه البيهقي ومن وافقه لا يتفق مع مذهب السلف في هذا الموضوع، لأن السلف - رحمهم الله تعالى - يرون أن كلام الله تعالى أنواع فمنه الأمر، والنهي، ومنه الخبر والاستخبار، ومنه النداء وذلك أمر واضح من واقع كلام الله تعالى.


١ الجامع لشعب الإيمان١/ ل٢٦.
٢ الأسماء والصفات ص: ٢٢٨.
٣ انظر: نهاية الأقدام للشهرستاني ص: ٣٠٧، ومحصل أفكار المتقدمين والمتأخرين للرازي ص: ١٣٤، والعقيدة النظامية لإمام الحرمين ص: ١٨.

<<  <   >  >>