للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أما قول البيهقي ومن وافقه فإنه واضح البطلان، إذ إن لازمه أن معنى قوله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى} ١ هو معنى قوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} ٢ ومعنى آية الكرسي هو معنى آية الدين، ومعنى سورة الإخلاص هو معنى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} ٣.

يقول شارح الطحاوية في بيان فساد هذا القول: "وكلما تأمل الإنسان هذا القول تبين له فساده، وعلم أنه مخالف لكلام السلف، والحق أن التوراة والإنجيل والزبور والقرآن من كلام الله حقيقة، وكلام الله لا يتناهى، فإنه لم يزل يتكلم بما شاء إذا شاء، كيف شاء، ولا يزال كذلك قال تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً} ٤. وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ٥.

ولوكان ما في المصحف عبارة عن كلام الله، وليس هو كلام الله لما حرم على الجنب والمحدث مسه، ولو كان ما يقرؤه القارىء ليس كلام الله لما حرم على الجنب والمحدث قراءته، بل كلام الله محفوظ في الصدور، مقروء بالألسن مكتوب في المصاحف"٦.


١ سورة الإسراء آية: ٣٢.
٢ سورة البقرة آية: ٤٣.
٣ سورة المسد آية: ١.
٤ سورة الكهف آية: ١٠٩.
٥ سورة لقمان آية: ٢٧.
٦ شرح الطحاوية ص: ١٣٠.

<<  <   >  >>