للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أما قول البيهقي بأن كلام الله لا يتبعض فإن هذا قول مردود أيضاً، لأن موسى عليه السلام حين سمع كلام الله تعالى - كما تقدم أنه يرى سماع موسى لكلام الله تعالى على معنى أن الله خلق فيه إدراكاً فهم به ذلك المعنى - فهل موسى عليه السلام فهم كلام الله كلّه أو بعضه؟ فليس له إلاّ أحد جوابين:

إما أن يقول بأن موسى فهم كلام الله كلّه فيكون موسى قد علم علم الله، وإما أن يكون فهم بعضه، وإذا قال فهم بعضه - ولن يجد محيصاً عنه - فقد تبعض كلام الله تعالى.

وقصارى القول: أن ما ارتضاه البيهقي من القول بأن كلام الله تعالى معنى واحد قديم، لا يتعدد، ولا يتبعض غير منطقي، ولا ينسجم مع الواقع، ولا مع الوحي الذي نراه تارة ينهى، وأخرى يأمر، ومرات ينادي وكل نوع من هذه الأنواع لا يشبه الآخر، بل يختلف عنه، ولو كان الأمر كما قالوا لما كان ثمة حاجة إلى تفسير كلام الله تعالى في تلك الأسفار الضخام، التي هي ثمرة جهد مضن بذله علماء هذه الأمة، بينوا فيها ما أراده الله تبارك وتعالى حين أمر وما أراده حين نهى، ليكون المسلم على بصيرة من مقاصد التشريع.

<<  <   >  >>