وقد كان البيهقي - رحمه الله - مدركاً لخطورة هذه البدعة، كما أدركها غيره من الأئمة، فشدد النكير على أصحابها، وسلك في الرد عليهم نفس الأسلوب الذي اتخذه علماء السنة سواء المعاصرين لهم أو من أتى بعدهم وشارك في الرد.
فالبيهقي - رحمه الله - يقرر أن القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق ويرد على الجهمية والمعتزلة بأدلة من القرآن الكريم، ففي معرض الرد عليهم أورد الآية المتضمنة لأنواع الوحي الذي كان ينزل على الأنبياء وهي قوله تعالى:{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء} ١.
وقال بعد إيرادها: "فلو كان كلام الله لا يوجد إلا مخلوقاً في شيء مخلوق، لم يكن لاشتراط هذه الوجوه معنى، لاستواء جميع الخلق في سماعه من غير الله ووجودهم ذلك عند الجهمية مخلوقاً في غير الله وهذا يوجب إسقاط مرتبة النبيين صلوات الله عليهم أجمعين، ويجب عليهم إذا زعموا أن كلام الله تعالى لموسى خلقه في شجرة أن يكون من سمع كلام الله من ملك أو من نبي أتاه به من عند الله أفضل مرتبة في سماع الكلام من موسى، لأنهم سمعوه من نبي، ولم يسمعه موسى عليه السلام من الله، وإنما سمعه من شجرة.