للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقد استند هؤلاء إلى آيات كريمات، زاعمين دلالتها على ما ذهبوا إليه، فبعد أن أورد القاضي عبد الجبار رأيهم على النحو السابق عقب عليه بالاستدلال له بقوله تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} ١ وقوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً} ٢، إلى غير ذلك أن الآيات التي ادعوا دلالتها على مذهبهم.

وقد كان لهذا الرأي الذي تبناه الجهمية وتابعهم عليه المعتزلة أثره في المحن القاسية التي مني بها المسلمون في حقبة من الزمن، كان علماء السلف فيها في منأى من كل رأي يوجد الفرقة في صفوف الأمة إلا أن المعتزلة أبوا إلا إشاعة هذه المقالة الفاسدة، محاولين إيصالها إلى كل ذهن وترسيخها في كل عقل، حتى لو اقتضى ذلك استخدام القوة من أجل إكراه الناس على اعتناق مذهبهم.

وقد حدث ذلك بالفعل كما سبق أن ذكرت من استخدامهم لاثنين من خلفاء بني العباس هما: المأمون والمعتصم، وظلت الفتنة قائمة على أشدها وأئمة الإسلام صامدون في وجه أصحابها، حتى أراد الله تعالى لها الانكشاف على يد المتوكل.

وقد كان فشو هذه المقالة الفاسدة التي تمس العقيدة الإسلامية في صميمها سبباً دافعاً لعلماء السلف على الاشتغال بتفنيدها وبيان زيغها، وتوطيد دعائم الحقّ بالحجّة الساطعة، والبرهان القاطع.


١سورة الأنبياء آية: ٢.
٢سورة الزخرف آية: ٣.

<<  <   >  >>