للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فبهذا نكفرهم كما أكفر الله به أئمتهم من قريش، وقال: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} ١ إذ قال: {إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ} ٢ لأن كلّ إفك وتقول وسحر واختلاق، وقول البشر كله لا شك في شيء منه أنه مخلوق، فاتفق من الكفر بين الوليد بن المغيرة وجهم بن صفوان الكلمة والمراد في أنه مخلوق"٣.

وهذا الإلزام الشديد الذي أورده الإمام الدارمي، بل إنه يرى أنه صحيح مذهبهم، لذلك سواهم في هذا بكفار قريش.

أخذ البيهقي هذا الإلزام - كما تقدم - إلا أنه أورده بلهجة أخف وكلام أوجز.

والجهمية أتباع جهم بن صفوان الترمذي لا أحد يشك في كفرهم لهذا الرأي، ولآراء فاضحة أخرى، كنفي الأسماء والصفات المتضمن تكذيباً صريحاً لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

كما سلك البيهقي في الرد على أصحاب هذه المقالة أسلوباً آخر، هو بيان تهافت استدلالهم الذي اعتمدوا عليه وإليك أمثلة لذلك، فقد سبق أن ذكرت من الآيات التي استدلوا بها على أن القرآن مخلوق قوله تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} وقوله: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً} . وقد بين البيهقي - رحمه الله - أن استدلالهم غير صحيح وأن للآيتين معنى غير ما أرادوا.


١ سورة المدثر آية: ٢٦.
٢ سورة المدثر آية: ٢٥.
٣ الردّ على الجهمية لعثمان بن سعيد الدارمي ص: ٩٣-٩٤.

<<  <   >  >>