للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فالأولى: ليس المراد منها أن القرآن نفسه محدث، وإنما أراد بالمحدث ذكر القرآن لهم، وتلاوته عليهم، وعلمهم به، فكل ذلك محدث، والمذكور المتلو المعلوم غير محدث، كما أن ذكر العبد لله تعالى محدث، والمذكور غير محدث١.

أو أن المراد على أظهر المعاني التي أرجعها إليها الإمام أحمد أن المحدث هو تنزيله على لسان الملك الذي أتى به، فالتنزيل هو المحدث٢.

أما الآية الثانية: فقد بين البيهقي أيضاً أنها لا تدل على ما ذهب إليه الجهمية والمعتزلة، لأن جعلناه بمعنى: سميناه قرآناً عربياً، وأنزلناه مع الملك الذي أسمعناه إياه حتى نزل به بلسان العرب ليعقلوا معناه٣.

وهكذا ينقض البيهقي أدلتهم على هذا النمط، يبين أن المراد من الآيات التي استدلوا بها خلاف ما راموا من معنى.

وهذا هو أسلوب السلف في رد استدلال المعتزلة على هذا المذهب الخطير، ويتضح لنا ذلك بمطالعة كتبهم مثل: كتاب الردّ على الجهمية للإمام أحمد، والردّ على الجهمية للدارمي، ومناظرة الأخير مع بشر المريس، وبيانه لتهافت آرائهم، وتقبيح السلف لها في كتابه "النقص على بشر المريس" حتى روى عن عبد الله بن المبارك قوله: "لأن أحكي كلام اليهود والنصارى، أحبّ إليّ من أن أحكي كلام الجهمية"٤.


١ الأسماء والصفات ص: ٢٢٩، والاعتقاد ص: ٣٤.
٢ الاعتقاد ص: ٣٤-٣٥.
٣ الاعتقاد ص: ٣٤.
٤ الردّ على بشر المريس للدارمي ضمن عقائد السلف جمع عليّ سامي النشار ص: ٣٦٠.

<<  <   >  >>