للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هكذا قال الشيخ محمد صديق وهو كلام صحيح لا غبار عليه لأن ذكر اليد مضافة إلى صاحبها تحدد المراد، فإذا ذكرت اليد أو غيرها من الصفات مضافة إلى الله تبارك وتعالى فإنها تعني الصفة الحقيقية لا محالة ولا يعترض علينا بأننا إذا اعتبرنا اليد فى قوله تعالى: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} صفة نكون قد أثبتنا أيادي كثيرة، أو أننا قد أشركنا مع آدم في الخاصية - وهي خلق الله له بيده - سواه لأننا نقول إن بين هذه الآية وبين قوله تعالى عن خلق آدم: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} فرقاً من وجهين:

أحدهما: أنه هنا أضاف الفعل إليه، وبين أنه خلقه بيديه وهناك أضاف الفعل إلى الأيدي.

الثاني: أن من لغة العرب أنهم يضعون اسم الجمع موضع التثنية إذا أمن اللبس، كقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} ١ أي: يديهما، وقوله: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} ٢ أي قلباكما، فكذلك قوله: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} ٣.

إلا أننا نقول إن إضافة الأيدي إلى الله هنا للدلالة على الصفة الحقيقية لله تبارك وتعالى، وقد قال الإمام الشوكاني في تفسير هذه الآية: "أي مما أبدعناه وعملناه من غير واسطة ولا شركة، وإسناد العمل إلى الأيدي مبالغة في الاختصاص والتفرد بالخلق كما يقول الواحد منا عملته بيدي للدلالة على تفرده بعمله"٤.


١ سورة المائدة آية: ٣٨.
٢ سورة التحريم آية: ٤.
٣ انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية٦/٣٧٠.
٤ فتح القدير للشوكاني٤/٣٨١، ٣٨٢.

<<  <   >  >>