للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمشهور مذهب الحنابلة طهارة مني الآدمي، وهناك رواية عن الإمام أحمد أنه نجس كالدم يعفى عن يسيره، وفي رواية لا يعفى عن ذلك اليسير.

وجاء في الإنصاف: "قوله: ومني الآدمي طاهر، هذا هو المذهب مطلقاً، وعليه جماهير الأصحاب ونصروه، سواء كان من احتلام أو جماع، من رجل أو امرأة، لا يجب فيه فرك ولا غسل.

وقال أبو إسحاق ١: يجب أحدهما، فإن لم يفعل أعاد ما صلى فيه قبل ذلك. وعنه أنه نجس يجزئ فرك يابسه ومسح رطبه، واختاره بعض الأصحاب. وعنه أنه نجس يجزئ فرك يابسه من الرجل دون المرأة ... وعنه أنه كالبول فلا يجزئ فرك يابسه، وقطع به ابن عقيل٢ في مني الخصي٣، لاختلاطه بمجرى بوله، وقيل: مني الجماع نجس دون مني الاحتلام، ذكره القاضي، وقيل: مني المرأة نجس دون مني الرجل، حكاه بعض الأصحاب، وقيل: مني المستجمر٤ نجس دون غيره٥.

فالذي يستفاد من نصوص الحنابلة وما عليه جماهير الأصحاب وأيدوه أن مني الآدمي طاهر بصرف النظر عن سبب إنزاله، وسواء كان من رجل أم كان من امرأة، وأنه لا يجب فركه ولا غسله، وقال أبو إسحاق بوجوب أحد الأمرين:


١ هو إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم الحربي أصله من مرو نسبته إلى محلة ببغداد إمام فقيه من أصحاب الإمام أحمد نقل عنه مسائله، كان محدثا قيما بالأدب واللغة، توفي رحمه الله تعالى سنة ٢٨٥?. راجع: طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى ١/٨٦، والأعلام للزركلي ١/٣٢.
٢ هو علي بن عقيل بن محمد بن عقيل أبو الوفاء البغدادي الظفري الحنبلي، يعرف بابن عقيل، فقيه أصولي مقرىء تفقه على القاضي أبى يعلى وغيره، وأخذ علم الكلام عن أبي علي بن الوليد وأبي القاسم بن التبان وغيره. من تصانيفه "كتاب الفنون" توفي رحمه الله سنة ٥١٣?. راجع: الأعلام للزركلي ٥/١٢٩.
٣ الخصية الخصي بمعنى، وجمع الخصية خصى مثل مدية مدى، وخصيت العبد أخصيه خصاء - بالكسر والمد - سللت خصييه فهو خصي، وخصيت الفرس قطعت ذكره فهو خصي. المصباح المنير للفيومي صفحة ١٧١.
٤ المستجمر بمعنى المتبخر، يقال جمر ثوبه تجميرا بخره، وربما قيل أجمره واستجمر الإنسان في الاستنجاء قلع النجاسة بالجمرات والجمار وهي الحجارة. القاموس المحيط للفيروز آبادي صفحة ٤٦٩، المصباح المنير للفيومي صفحة ١٠٨.
٥ المرداوي ١/٣٢١.

<<  <   >  >>