للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تحرزا، من النجس، فإنه لا يجوز بيعه كالخمر والخنْزير ... "١.

دل نص القوانين الفقيهة على عدم جواز بيع الخمر تمشياً مع أصل المذهب المالكي بكون الخمر نجسة غير طاهرة، وبناء عليه منع بيعها لنجاستها، لأن من شروط صحة البيع عند المالكية طهارة الثمن والمثمون.

مذهب الشافعية: قالوا بعدم صحة بيع الخمر، لكونها نجسة في نفسها، لأنهم يرون أن الأعيان ضربان: نجس، وطاهر، والنجس على ضربين نجس في نفسه، ونجس بملاقاة نجاسة، والنجس في نفسه لا يجوز بيعه، والخمر نجسة العين.

فقد جاء في مغني المحتاج: " ... فلا يصح بيع الكلب والخمر ... "٢. وفي نهاية المحتاج: "فلا يصح بيع الكلب ولو معلما، والخمر -يعني المسكر- وسائر نجس العين ونحوه ... "٣. وجاء في المهذب: "الأعيان ضربان: نجس، وطاهر. فأما النجس فعلى ضربين: نجس في نفسه، ونجس بملاقاة نجاسة. فأما النجس في نفسه فلا يجوز بيعه، وذلك مثل الكلب والخنْزير والخمر ... "٤.

فنص المهذب: يقرر ما عليه الشافعية من القول بعدم جواز بيع الخمر، بناء على نجاستها باعتبار أنها نجسة في نفسها، فكانت تلك النجاسة سبباً في عدم جواز البيع.

مذهب الحنابلة: قالوا بعدم جواز بيع الخمر لنجاستها لأنهم يشترطون مالية المبيع، والمال عندهم هو ما يباح نفعه مطلقاً كما يجوز اقتناؤه بلا حاجة، والخمر لا تعتبر مالاً، لأن فيها نفعاً محرماً، كما أنها لا تباح إلا عند الضرورة، وهي نجسة العين. والمقرر أن العين النجسة أو المتنجسة لا يجوز بيعها، وقالوا: كما لا يجوز بيعها، لا يجوز التوكل في بيعها أو شرائها إعمالا لأصل المنع من ذلك عندهم.

فقد جاء في المغنى والشرح الكبير: "ولا يجوز بيع الخمر، ولا التوكل في بيعه،


١ ابن جزي صفحة ١٦٣.
٢ الشربيني ٢/١٥.
٣ الرملي ٣/٣٩٢.
٤ الشيرازي ٣/٢٣.

<<  <   >  >>