للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهكذا يرى المالكية جواز بيع الدخان الذي يشرب في القصبة الشيشة والذي يستنشق به، وذلك لطهارته، ولكونه منتفعاً به شرعاً. ويترتب على هذا القول بالضمان على من أتلفه.

مذهب الشافعية: اختلف فقهاء الشافعية بشأن بيع الدخان، فمن قائل بصحة ذلك البيع، لطهارة المبيع، ومن قائل بعدم صحته، لعدم المنفعة فيه، ومن قائل بإباحة البيع، وإن كان المعتمد في المذهب القول بكراهة ذلك البيع.

فقد جاء في حاشية الشرواني على تحفة المحتاج: " ... وقع السؤال في الدرس عن الدخان المعروف في زماننا هل يصح بيعه أم لا؟ والجواب عنه الصحة لأنه طاهر منتفع به ... قيل مما لا يصح بيعه الدخان المعروف لأنه لا منفعة فيه، بل يحرم استعماله، لأن فيه ضرراً كبيراً، وهذا ضعيف، وكذا القول بأنه مباح والمعتمد أنه مكروه بل قد يعتريه الوجوب كما إذا كان يعلم الضرر بتركه وحينئذ فبيعه صحيح، وقد تعتريه الحرمة، كما إذا كان يشتريه بما يحتاجه لنفقة عياله أو تيقن ضرره ... "١.

وعلى هذا فالخلاف قائم في مذهب الشافعية، بشأن بيع الدخان، فقد قالوا بصحة هذا البيع، بناء على طهارة المبيع المشترطة في عقد البيع عندهم، وقيل بعدم صحة البيع، لأنه لا منفعة فيه، وأن استعماله محرم، وذلك لضرره الكبير، وهذا القول ضعيف، وكذا ضعف القول الثالث القائل بإباحته، والمعتمد في المذهب القول بأنه مكروه، أي من حيث الاستعمال، وكذا من حيث بيعه تبعاً لهذا، وهناك قول بأن تناوله يكون واجباً، وذلك لمن يلحق الضرر بترك تناوله، وفي هذه الحالة يكون بيعه صحيحاً، وقيل قد يكون بيعه حراماً، إذا كان المشتري قد اشتراه بما يحتاجه لنفقة عياله، أو عند تيقن الضرر من استعماله.

مذهب الحنابلة: تردد فقهاء الحنابلة بشأن بيع الدخان بناءً على أن كتب الفقه الحنبلي لم تنص صراحة على حكم الدخان، وقد خرج حكمه على حكم تناول الحشيشة والأفيون والبنج وما شاكله، ذلك والذي تقرر فيه من قبل منع تناوله وعدم


١ الشيخ عبد الحميد الشرواني ٤/٢٣٦ – ٢٣٧.

<<  <   >  >>