للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأنكر الإمام أحمد الاستدلال بالجدي على القبلة، وقال: "إنما ورد ما بين المشرق والمغرب القبلة"، وأنكر ابن مسعود على من قال: إن الفلك يدور، كما أنكر الإمام أحمد رحمه الله على المنجمين قولهم: إن الزوال يختلف في البلدان١.

وهذه الأقوال وما في معناها محمولة على أمرين:

الأمر الأول: على تعلم ما لا فائدة فيه في عصرهم. والاستغلال بما لا فائدة فيه لا شك في كراهته لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} ٢.

الأمر الثاني: يحمل نهيهم هذا على أنهم لمسوا ممن تكلم في ذلك أنه أراد أن يبني على قوله هذا الشبهات، أو أراد التشكيك في قبلة المسلمين، أو نحو ذلك فأنكروا عليه، ومن كان بهذه الصفة لا بد من الإنكار عليه٣.

وأما الاستدلال بقول عمر رضي الله عنه: (تعلموا من النجوم ما تهتدون به في ظلمات البر والبر ثم انتهوا) ٤ على عدم جواز تعلم ما زاد على الاهتداء فلا يصح، إذ إن هذا الأثر ضعيف، لو صح لم يكن فيه حجة لأن المراد النهي عن علم التأثير لا التسيير٥.


١ انظر: "فضل علم السلف على علم الخلف": ص١٣٢-١٣٤.
٢ سورة المؤمنون، الآية: ٣.
٣ انظر: فضل علم السلف على علم الخلف: ص١٣٤-١٣٥.
٤ أخرجه الخطيب في "حكم علم النجوم": (ق٢/ب) . قال المناوي: (قال عبد الحق: وليس بإسناده مما يحتج به، وقال ابن القطان: فيه من لا أعرفه) . "فيض القدير": (٣/٢٥٦) . وقال الألباني: ضعيف. "ضعيف الجامع الصغير": (٢٤٥٥) .
٥ انظر: "فيض القدير": (٣/٢٥٦) .

<<  <   >  >>