للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثاني: لم يكن خليل الرحمن منجماً في قول الله تعالى: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ}

إن اعتقد ابن الوزير والبيهقي وغيرهما أن إبراهيم تعلق بالكواكب قبل مبعثه فظن أنها ربه كما أسلفت في المطلب الأول، فهؤلاء أتو بما هو أشنع، إذ أنهم اعتقدوا أن إبراهيم عليه السلام كان متعلقاً بالكواكب والنجوم بعد مبعثه، مثبتاً أحكاماً وتأثيراً لها، مستدلين بقوله تعالى {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ} ١.

فقد ذهب جماعة من الرافضة إلى أن إبراهيم كان عالماً بأحكام النجوم، وأنه كان مستعملاً له٢، ونسبوا هذا القول زوراً وبهتاناً إلى جعفر الصادق٣ رحمه الله تفسيراً باطنياً لقوله تعالى: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ} ، زعموا أنه قال: (حسب –أي: إبراهيم عليه السلام- فرأى ما يحل بالحسين، فقال: "إني سقيم لما يحل بالحسين"٤.

وقد حكى الفخر الرازي نسبة أحكام النجوم إلى إبراهيم عليه السلام عن بعض العلماء٥، وهذا القول لا يصح من عدة وجوه:


١ سورة الصافات، الآيتان: ٨٨-٨٩.
٢ انظر: "البرهان في تفسير القرآن": (٤/٢٥) .
٣ هو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب كان إماماً في الفقه والحديث والعلم والفضل. روى له مسلم والأربعة. ويزعم الرافضة انه إمامهم السادس، وحاشاه من ذلك، وترضيه على الشيخين مشهور معلوم. توفي سنة ثمان وأربعين ومائة. "حلية الأولياء": (٣/١٩٢) ، و"سير أعلام النبلاء": (٦/٢٢٥) ، و"تهذيب التهذيب": (٢/١٠٣-١٠٥) .
٤ "الأصول من الكافي": (١/٣٨٧) .
٥ انظر: "التفسير الكبير": (٢٦/١٤٧-١٤٨) .

<<  <   >  >>