للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الأول: أن ما ذكر عن إبراهيم الخليل عليه السلام من أنه تمسك بعلم النجوم حين قال: {إِنِّي سَقِيمٌ} هو كذب وافتراء على خليل الرحمن عليه السلام، فإنه ليس في الآية أكثر من أنه نظر نظرة في النجوم، ثم قال: {إِنِّي سَقِيمٌ} ، فمن ظن من هذا أن علم أحكام النجوم من علم الأنبياء، وأنهم كانوا يراعونه فقد كذب على الأنبياء، ونسبهم إلى ما لا يليق، وهو من جنس من نسبهم إلى الكهانة والسحر، وزعم أن تلقيهم الغيب من جنس تلقي غيرهم١.

الوجه الثاني: أن الرسل بعثت بمحق الشرك من الأرض ومحق أهله، وقطع أسبابه، ولا شك أن ما وقع فيه قوم إبراهيم من الشرك، فكيف يظن بإبراهيم عليه السلام أنه كان يتعاطى علم النجوم، ويأخذ منه أحكام الحوادث٢؟ وهذا بلا ريب من أعظم الأسباب المفضية إلى الشرك.

واختلف القائلون بتنزيه الخليل عليه السلام عن التنجيم في توجيه الآية: فذهب ابن قيم الجوزية وغيره إلى النظرة التي نظرها إبراهيم عليه السلام في النجوم كانت من معاريض الأفعال، كما كان قوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} ، وقوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} ، وقوله عن سارة: "هذه أختي" من معاريض المقال ليتوصل بها إلى غرضه من كسر الأصنام، فلهذا نظر الخليل عليه السلام في النجوم نظر تورية وتعريض محض ينفي به عنه تهمة قومه، ويتوصل إلى كيد أصنامهم٣.

وذهب قتادة إلى أنه نظر إلى السماء متفكراً فيما يلهيهم به، فقال:


١ انظر: "مفتاح السعادة": (٢/١٩٦) .
٢ انظر: "مفتاح السعادة": (٢/١٩٧) .
٣ انظر: "مفتاح السعادة": (٢/١٩٧-١٩٨) .

<<  <   >  >>