للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعرب تقول لمن تفكر: نظر في النجوم١.

قلت الظاهر أن قول قتادة أصوب –والله أعلم- لما يأتي:

١- أن الفعل "نظر" يختلف معناه بحسب ما يتعدى به، فإن تعدى بنفسه فمعناه الانتظار، وإن تعدى بـ"إلى" فمعناه النظر بالأبصار، وإن تعدى بـ"في" فمعناه التفكر والاعتبار٢، ويدل لهذا المعنى الأخير قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ... } ٣، لذا كان معنى نظر هنا: تفكر ليدبر حجة٤.

٢- إن الرسول صلى الله عليه وسلم حدد كذبات إبراهيم عليه السلام إنها ثلاث كذبات في قوله: "لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات ... " ٥، وكلها من المعاريض، وإن اعتبرنا أن هذه من المعاريض أيضاً عدت كذبة رابعة، وهذا مخالف للحصر الوارد في الحديث.

٣- إن هذا الفعل –وإن صدر على سبيل التعريض- فيه نوع محاباة وتأييد لعبادة النجوم، والمعروف من حال إبراهيم عليه السلام خلاف هذا، كما قال تعالى: {قَالُوا سَمِعْنَا فَتىً يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} ٦، ولو علموا أنه وافقهم في مذهبهم لفرحوا بذلك كثيراً، وحاجوا إبراهيم عليه السلام به إذا أنكر عليهم٧.


١ "تفسير الجلالين": (ص٥٩٤) .
٢ انظر: "لسان العرب": (٥/٢١٦-٢١٧) .
٣ سورة الأعراف، الآية: ١٨٥.
٤ "لسان العرب": (١٢/٥٧١) .
٥ متفق عليه، سبق تخريجه: ص٧٨.
٦ سورة الأنبياء، الآية: ٦٠.
٧ انظر: "الشفا": (٢/٧٢٠) .

<<  <   >  >>