للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثاني: أن هذه الكواكب لو كانت آلهة مصرفة لهذا الكون –كما يزعمون- لكانت مستقلة بإحداث شيء من الحوادث الأرضية، واعتقادهم يخالف هذا، إذ إنهم يعتقدون أن حركة الفلك التاسع جزء السبب، وحركة كل فلك جزء السبب فتكون هذه الحوادث ناتجة عن مجموع حركات الأفلاك –على حسب زعمهم١- وهذا يناقض أن تكون واجبة الوجود، أو أن تكون آلهة، إذ إن المشتركين في المفعول الواحد لا يمكن أن يكون كل واحد منهم قادراً عليه بانفراد وإلا لاستقل به، وهذا يدل على عجزه وقصوره وعدم مقدرته على إكمال نفسه، ومن كان متصفاً بهذه الأوصاف لا يمكن أن يكون واجب الوجود: إذ إن من صفات واجب الوجود الغنى المطلق، ولو كان هذه الأفلاك متصفة بهذه الصفة لم تفتقر إلى غيرها في فعلها، فافتقارها إلى غيرها بوجه من الوجوه دليل عدم غناها٢.

ثالثاً: لو فرضنا أن لتدبير الكواكب شيئاً من الحركات والحوادث الأرضية لكان الصادر عنها الحركة العرضية على نسق حركتها، أما بقية الحركات فلا تكون صادرة عنها، ومن باب أولى لا يكون صادراً عنها الأجسام نفسها وقواها وصفاتها، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، ويعلم بذلك أن المتصرف في الكون المشهود والموجود له رب غيرها هو الذي أبدعها وصورها وحركها على الحركات المختلفة، وبهذا يتبين بطلان ربوبية هذه الكواكب٣.


١ انظر: "مجموع فتاوى ابن تيمية": (٨/١٧٠-١٧١) .
٢ انظر: المصدر السابق نفسه: (٢٠/١٨٠-١٨١) .
٣ انظر: المصدر نفسه: (٨/١٧٣) .

<<  <   >  >>