للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الغبرة والكمودة، فطبعه البرد واليبس، والمريخ يشبه لونه لون النار فطبعه حار يابس، وكذلك الزهرية فإن لونها كالمركب من البياض والصفرة، والبياض يدل على طبيعة البلغم وهو البرد والرطوبة، والصفرة تدل على الحرارة، ولما كان بياضها أكثر من صفرتها حكمنا بأن بردها ورطوبتها أكثر ... وهكذا١ وهذا الأصل ظاهر البطلان، ويتبين ذلك بأربعة أمور هي:

الأمر الأول: أن البرودة والحرارة واليبس والرطوبة صفات للعناصر التي دون فلك القمر، وليس شيء من هذه الصفات في الأجرام العلوية، لأنها خارجة عن محل حوامل هذه الصفات٢.

الأمر الثاني: أن المشاركة في بعض الصفات لا تقتضي المشاركة في الماهية والطبيعة.

الأمر الثالث: أن الدلالة بمجرد اللون على طبيعة شيء ما أمر باطل، إذ إن النورة والنشادر وغيرها في غاية البياض مع أن طبائعها في غاية الحرارة.

الأمر الرابع: أن بعض كبرائهم لما علم فساد هذا القول وتكذيب العقل له أنكر ذلك٣.

القسم الثالث: الأدلة على فساد أحكام النجوم المزعومة. والتي تبين أن هذه الأحكام ظنون كاذبة، والأدلة على ذلك من المنقول والمعقول. فمن المنقول ما يأتي:


١ رسالة عيسى بن علي التي نقلها ابن القيم في "مفتاح دار السعادة": (٢/١٥٩-١٦٠) .
٢ "الفصل في الملل والأهواء والنحل": (٥/١٤٩) . هذا ما ذكره والعهدة عليه.
٣ رسالة عيسى بن علي التي نقلها ابن القيم في "مفتاح دار السعادة": (٢/١٦٠) .

<<  <   >  >>