للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم جاءت جماعة أخرى في عهد الحاكم١ بالديار المصرية، خالفوا من سبقهم، وحكموا على الأرصاد السابقة بالفساد، ووضعوا رصداً آخر سموه بالرصد الحاكمي، ثم جاءت جماعة أخرى منهم أبو الريحان البيروني حكموا بفساد أصول من تقدمهم، وذكروا كثيراً من مناقضاتهم والرد عليهم بما هو دال على فساد الصناعة نفسها حتى أن البيروني قال في ذلك: (وعند البلوغ إلى هذا الموضع من صناعة التنجيم كفاية، ومن تعداها فقد عرض نفسه وصناعته لما بلغت إليه الآن من السخرية والاستهزاء فقد جهلها المنتسبون إليها) ٢، كما حكم على فساد طرق منجمي الهند في تنجيمهم فقال: (وإنما حكيت هذا ليعلم تباين طرق قومنا وطرق الهند في أحكام النجوم، وأما طرقهم في أحداث العالم فمع طولها فهي ركيكة جداًّ) ٣، وقال أيضاً فيهم: (فليعلم أولاً أن معولهم في أكثر الأحكام على ما يشبه الزجر والفراسة ... ) ٤.

ثم جاءت طائفة أخرى بعدهم منهم أبو إسحاق إبراهيم بن يحيى بن الزرقالة٥ خالفوا الأوائل والأواخر، وحكموا على رصدهم وأحكامهم


١ هو الحاكم بأمر الله أبو علي المنصور بن العزيز بالله نزار بن المعز العبيدي، حاكم مصر، كان جباراً عنيداً، وشيطاناً مريداً، ثير التلون في أحكامه، وأفعاله، وأقواله، جائراً، وإليه تنسب الفرقة الضالة الحاكمية، هلك سنة إحدى عشرة وأربعمائة.
"الكامل" لابن الأثير: (٩/٣١٤) ، و"البداية والنهاية": (١١/٣٤١) ، (١٢/١٠) .
٢ "التفهيم لأوائل صناعة التنجيم": ص٣٣١.
٣ "تحقيق ما للهند من مقولة": ص٤٩٢.
٤ المصدر نفسه: ص٤٧٣.
٥ هو إبراهيم بن يحيى التنجيبي النقاش، المعروف بابن الزرقالة، من منجمي الأندلس، أبصر أهل زمانه بالأرصاد والتنجيم، توفي سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة. "تاريخ الحكماء": ص٥٧، و"كشف الظنون": ص٨٧٠، و"الأعلام": (١/٧٩) .

<<  <   >  >>