للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأفول الذي بعد الطلوع بأدل من الأفول قبل الطلوع على عدم الإلهية، فالجواب عنه من وجهين:

الوجه الأول: أن المعترض يريد بهذا إثبات أن الحركة تدل على الحدوث، وأن الأجسام لا تخلو من الحوادث، وإثبات أن هذه الطريقة هي طريقة إبراهيم عليه السلام، ليتوصلوا بذلك إلى نفي الصفات الاختيارية عن الله تعالى، فنفوا أنه متكلم بمشيئتة وقدرته، وأنه ينزل متى شاء أن ينزل، وغيرها من الصفات الاختيارية، واعتقدوا أنهم أثبتوا الرب بهذا، وأنه ذات مجردة عن الصفات، وهذا الكلام باطل شرعاً وعقلاً وفطرة، وهو ليس طريق الأنبياء، ولم يكن حال الصحابة علم بالإضرار، ومن عرف ما جاء به الرسول، وما كان عليه الصحابة علم بالإضرار أن الرسول والصحابة لم يكونوا يسلكون هذا المسلك، ومن عرف حقيقة هذا القول علم أنه ليس بطريق موصل إلى معرفة الله، بل إنما يوصل من اعقد صحته إلى الجهل والضلال، ومن تبين له تناقضه أوصله إلى الحيرة والشك، ولهذا صار حذاق سالكيه ينتهون إلى الحيرة والشك١.

الوجه الثاني: أن إبراهيم عليه السلام لم يستدل بالحركة والسكون على أن هذه الكواكب حادثة لا تصلح للألوهية، لذلك لم يقل: {لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ} لما رأى الكوكب يتحرك والقمر والشمس، بل إنما قال ذلك حين غاب واحتجب، فليس معنى أفل تحرك في لغة العرب٢، وإنما معناها غاب واحتجب٣.


١ انظر: "مجموع فتاوى ابن تيمية": (١٣/١٤٧-١٥٢) .
٢ "منهاج السنة النبوية": (٢/١٩٦) .
٣ انظر: "الصحاح": (٤/١٦٢٣) ، "لسان العرب": (١١/١٨) .

<<  <   >  >>