للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنما جرت بين إبراهيم وقومه لأجل أن يرشدهم إلى الإيمان والتوحيد، لا لأجل أن يطلب إبراهيم الدين والمعرفة لنفسه١.

وغير هذه الوجوه التي تبين أنهم هم الذين سلكوا مسلك التأويل.

أما على القول بأن إبراهيم كان مناظراً، فإننا نأخذ اللفظ على ظاهره –كما سيأتي بيانه مفصلاً في الترجيح إن شاء الله.

وأما قوله في الوجه الثاني: (إن الخصم لا ينتظره في المجلس يتطلب الجواب ليلة ويوماً) : فهذا تحكم لا دليل عليه، ويمكن أن يلزم بمثل هذا في مذهبه، ثم يتهافت هذا الاستدلال إذا عرفنا أن عباد الكواكب كانوا يتحرونها ويتحرون ساعات أوجها، فلا يبعد أن يكون جالساً معهم ليلة من الليالي ينهاهم عن عبادة الكواكب، فطلعت الكواكب، فأخذ يناظرهم ويستدل على عدم استحقاقها لشيء من العبادة٢.

أما قوله: (إن المحتج على الغير لا يجوز أن يسلم له ما يدعيه إلا ويبين أن تسليمه تسليم جدل) : فالجواب عنه: أن إبراهيم عليه السلام لم يقصد بقوله: {هَذَا رَبِّي} التسليم، وإنما ذكر ذلك بصيغة الاستفهام الإنكاري٣، أو في الآية تقدير: هذا ربي على زعمكم٤ –كما سيأتي بيانه إن شاء الله-.

أما قوله في الوجه الثالث: (إن قول إبراهيم: {لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي} لا يقوله إلا المتحيرّ) : فالجواب عليه: أن الالتجاء إلى الله بطلب الهداية


١ المصدر السابق نفسه.
٢ المصدر نفسه: (١٣/٥٨) .
٣ انظر: "تفسير الطبري": (٧/٢٥٠) ، "تفسير القرطبي": (٧/٢٦) .
٤ "تفسير القرطبي": (٧/٢٦) .

<<  <   >  >>