للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاعتراض أن قوله تعالى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ ... } تفصيل لما ذكر من أن الله أراه ملكوت السموات والأرض، وهذا خطأ من وجوه:

الوجه الأول: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ ... } معطوف على قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ ... } ، وقوله: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ... } جملة اعتراضية بين المعطوف والمعطوف عليه، مقررة لما سبق ولحق١، فكونه بلغ مرتبة الموقنين يقضي باستحالة أن يعتقد ألوهية هذه الأصنام والكواكب التي يعبدها قومه٢، وإما أن تكون معطوفة على قوله: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ ... } كما سبق بيانه في أول الردود.

ثانياً: أن معنى قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ ... } يختلف عن المعنى الذي ذهبوا إليه في قوله تعالى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ ... } وذلك لأن الله هو الذي أرى إبراهيم في الآية الأولى، أما المعنى الذي ذهبوا إليه في الآية الثانية أن إبراهيم هو الذي استدل حتى توصل إلى الخالق.

ثالثاً: لو سلمنا جدلاً أن الآية الثانية: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ ... } تفسير للآية التي قبلها {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ ... } فما مناسبة ذكر الأرض في الآية الأولى، إذ أن الكواكب والقمر والشمس من السماء، وليس منها شيء في الأرض.

رابعاً: أن اليقين ليس بمعنى الاستدلال على الله، ولا يكون الاستدلال مترتباً على اليقين، لأن اليقين هو العلم وزوال الشك٣، فمن


١ انظر: "الكشاف": (٢/٣٠) .
٢ انظر: "تفسير روح المعاني": (٧/١٩٨) .
٣ انظر: "الصحاح": (٦/٢٢١٩) .

<<  <   >  >>