للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيها الملك مسلك التمويه والتدليس، أما الطريقة الثانية فلا يستطيع سلوك هذا المسلك فيه١.

الوجه الثاني: أن السياق واقع في مدح طريقة إبراهيم في مناظرته للخصوم، وأنها طريقة قوية لا يعتريها نقص ولا خلل، والذي بدلنا على أنها طريقة قوية أن الكافر بهت، فلم يستطيع حولاً ولا طولاً، كما أخبر الله عنه بقوله: {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} ، فما الداعي إلى التشكيك في طريقة الخليل عليه السلام؟

أما الشبهة الرابعة وهي: (أن دلالة الإحياء والإماتة على وجود الصانع أقوى من دلالة طلوع الشمس عليه، لأن التبدلات في ذات الإنسان وصفاته أقوى من الدلالة على الحاجة إلى المؤثر القادر على طلوع الشمس، إذ تنتفي عنها التبدلات والاختلافات، فكان العدول إلى طلوع الشمس عدولاً من الأقوى الأجلي إلى الأخفى الأضعف) فالرد عليها من وجهين:

الوجه الأول: أن لفظ الآية لا يدل على ما يقوله الرازي، إذ أن استدلال إبراهيم على انفراد الله بالألوهية كان بمجرد الإحياء والإماتة، لا بصفات الإنسان، ولا بالتبدلات الحاصلة فيه، فلذلك لا يستقيم اعتراضه٢.

الوجه الثاني: لا نسلم أن الشمس لا يرى في ذاتها وصفاتها تبدلاً، عند الشروق تختلف وتتبدل عما تكون عليه عند الزوال، وتختلف وتتبدل عما تكون عليه عند الغروب، فظهر نقض شبهته من أصلها.


١ انظر: "الكشاف": (١/٣٨٨) ، "البحر المتوسط": (٢/٢٨٨) .
٢ انظر: "روح المعاني": (٣/١٨٠) .

<<  <   >  >>