للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والفضلاء المتأخرون) ١.

بل والرازي نفسه ذكر هذا عند عرضه للأدلة فقال: (وليست الكواكب موكلة بالفساد والصلاح، ولكن فيها دليل بعض الحوادث عرف ذلك بالتجربة) ٢، بل وبعض كبرائهم يصرح أن صناعتهم قائمة على الخرص والتخمين كقول إمامهم أبي نصر الفارابي٣: (إنك لو قلبت أوضاع المنجمين فجعلت مكان السعد نحساً، ومكان النحس سعداً، أو مكان الحار بارداً، ومكان البارد حاراً، أو مكان الذكر مؤنثاً، ومكان المؤنث ذكراً، وحكمت لكان حكمك من جنس أحكامهم تصيب تارة وتخطيء تارة وتخطيء أخرى) .

وما كان بهذه المثابة من الكذب والتخمين ينزهون عنه معلميهم كبقراط٤ وأفلاطون٥ وغيرهم من الفلاسفة، الذين يوجد في كلامهم


١ "رسالة في الأحكام على تحاويل سني العالم" لابن أبي الشكر: (ق ١ أ) .
٢ "مفتاح دار السعادة": (٢/١٨٨) .
٣ هو محمد بن محمد بن طرخان أبو نصر الفارابي، ويعرف بالمعلم الثاني لشرحه لمؤلفات أرسطو (المعلم الأول) ، أصله تركي كان يحسن اليونانية وأكثر اللغات الشرقية، توفي سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة. انظر: "الفهرست" لابن النديم: ص٣٦٨، و"تاريخ حكماء الإسلام": ص ٣٠.
٤ هو أحد الفلاسفة المشهورين، وسيد الطبيعيين في عصره، وكان قبل الإسكندر بنحو مائة سنة، نشأ في بلاد الشام، وكان يتوجه إلى دمشق للرياضة والتعليم والتعلم في أحد بساتينها. انظر: "طبقات الأطباء والحكماء": ص١٦، "تاريخ الحكماء": ص٩٠-ص٩٥.
٥ هو أفلاطون بن أرسطو أحد سلاطين الحكمة الخمسة من اليونانيين، كان يعلم الطلاب الفلسفة وهو ماش فسميت فرقته بالمشائين، ووضع لأهل زمانه سنناً وحدوداً في الفلسفة. انظر: "طبقات الأطباء والحكماء": ص٢٣، و"عيون الأنباء": ص٧٩، و"تاريخ الحكماء": ص١٧.

<<  <   >  >>