أو تشريع للأحكام فجمعوه في صدورهم وطبقوه على جميع أحوالهم، ثم كانت الهجرة إلى المدينة فانفسح المجال لاستماع القرآن وحضور مجالس النبي صلى الله عليه وسلم.
علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم للسنة مكانها من الدين وأنها الركن الثاني في بنائه القويم بعد الكتاب العزيز كما علموا وصية الله تعالى باتباعها وتحذيره الشديد من مخالفتها، وأن من فَرَّطَ في أمرها أو تهاون بشأنها فهو محروم، ومن حفظها وعمل بها فهو سعيد مشكور.
ولم يخف عليهم أن القرآن العزيز رفع من شأن العلم والعلماء وحط من شأن الجهل والجهلاء فقال:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}[الزمر:٩] وقال: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}[المجادلة:١١] وحث على التفقه في الدين وتبليغه إلى الناس فقال: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}[التوبة:١٢٢] .
كما لم يخف عليهم الوعيد الشديد على كتمان العلم في قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ}[البقرة:١٥٩] .
وكما جاءت الآيات القرآنية حاثة لهم على تعلم الدين وأحكامه ودرسه ونشره كذلك جاءت الأحاديث النبوية محببة إليهم حمل العلم والتفقه في الدين محذرةً لهم من كتمانه حاضةً على تبليغه إلى الناس فقال