للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وجد فيها ما يقضي به قضى به، فإن أعياه ذلك سأل الناس: هل علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى فيه بقضاء، فربما قام إليه القوم فيقولون..... قضى فيه بكذا وكذا، فإن لم يجد سنة سنها النبي صلى الله عليه وسلم جمع رؤساء الناس فاستشارهم (١) وكان عمر رضي الله عنه يفعل ذلك.

ورأى الصحابة في منهج عمر رضي الله عنه حفظ السنة، وحمل الناس على التثبت بما يسمعون، والتروي فيما يؤدون، فالتزموه من غير إفراط ولا تفريط، ولم يكثروا من الرواية مخافة رفع التدبر والتفقه، فالتزموا الاعتدال فيها.

ثم إن كثرة الرواية مظنة الوقوع في الخطأ، وبخاصة أنه ورد النهي عن التحديث بكل ما يسمعه المرء، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع" (٢) ، وسار التابعون وأتباعهم على منهج الصحابة، فاحتاطوا في رواية الحديث، وعابوا الإكثار منها مخافة أن يرتفع تدبر الحديث وفهمه، قال محمد بن المنكدر: (الذي يحدث الناس إنما يدخل بين الله وبين عباده فلينظر بما يدخل) (٣)

٢– تثبّت الصحابة والتابعين في قبول الحديث

أمر الإسلام بالتثبت في قبول الأخبار، ونهى عن الكذب، وأمر بقول الحق، نزل بهذا الوحي الأمين، ونطق به الرسول الكريم، وعمل


(١) إعلام الموقعين لابن قيم الجوزيه ١/٦٢.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه ١/١٠، المقدمة، باب النهي عن الحديث بكل ما سمع.
(٣) الكفاية للخطيب البغدادي ص ١٦٨.

<<  <   >  >>