يعني بذلك سعادته أن الوهابيين قد اشتطوا في تحديد مفهوم العبادة، فأدخلوا فيه ما كان من الاحترام والتقديس قائماً على الإلف والعادة.
لم نسمع قبل اليوم أن الإلف والعادة يجعلان عبادة غير الله مشروعة وسائغة، فإن كان الناس قد ألفوا أن يقيموا القباب على أضرحة الموتى، وأن يستغيثوا بهم في الملمات ويدعوهم لقضاء الحاجات، ويتملقونهم بالنذور والقربانات، وأن يقفوا أمام مقاصيرهم خاشعين، وينادوا متوسلين متذللين، فذلك شيء لا ضير فيه ولا ينافي توحيد العبادة - في نظر دكتورنا- لأنه من قبل الإلف والعادة.
ولو صح منطق الدكتور في الإغضاء عن كل ما يفعل بطريق الإلف والعادة، لما كان هناك داع لإرسال الرسل، فإن أممهم إنما كانت تفعل ما تفعل من ألوان الشرك والمعاصي على سبيل الإلف والعادة، وكذلك المشركون من العرب الذين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقاتلتهم، ونزل القرآن بذمهم، وتوعدهم بالنار المؤبدة، ما كانوا يزاولون أعمالهم الشركية، من تقديم النذور ونحر الذبائح ومن الطواف والدعاء، إلا على جهة الإلف والعادة، ولهذا حكى القرآن عنهم أنهم كانوا إذا نهوا قالوا:{إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} . "الزخرف: ٢٣".